الأربعاء، 17 يناير 2018

الرئيسية تجليات فعل القراءة في القران/ قراءة عرفانية للحظة الوحي الأولى و التوظيف القراني للفظة إقرأ " ج 2

تجليات فعل القراءة في القران/ قراءة عرفانية للحظة الوحي الأولى و التوظيف القراني للفظة إقرأ " ج 2


تجليات فعل القراءة في القران/ قراءة عرفانية للحظة الوحي الأولى و التوظيف القراني للفظة إقرأ "


لقراءة الجزء الأول عبر الرابط: https://moujtam3na.blogspot.com/2015/06/1.html

تأليف/ الأستاذ الباحث محمد الصالح الضاوي-باحث جزائري-
عرض و تقديم / حمزة بلحاج صالح –كاتب و باحث جزائري-

-الجزء الثاني-

" لحظة التنزيل الأولى " ..

هل يمكن للقارىء أن ينتظر تفسيرا لفعل القراءة يختلف عما ساقه المفسرون في كتبهم هو السؤال الذي طرحه الباحث محمد الصالح الضاوي

و بين ما لحالة الرفض من بعد نفسي-ثقافي أكثر منه ديني معرفي و علمي

بل بين كيف أن القران يفهم بلغة العرب و سياق تنزيله و وضع اللغة في ذلك السياق

و أنه لا ينادي بإلغاء الموروث التفسيري كما يفعل بعض الصوفية لما يلغون التفسير الفقهي مقابل التفسير الصوفي

و هو موقف حصيف عارف و متوزان لا يشتغل بالتراث من منظور رؤية تبعيضية و تجزيئية بل تكاملية شاملة و نسقية....

يبحث الأستاذ محمد الصالح في شحنة مصطلح " الوحي" و حمولاته..و الذي يراه " جنسا معرفيا مخصوصا و متميزا قد يتقاطع مع غيره من أجناس المعرفة الإنسانية في بعض المستويات " " و من ثمة يكون لزاما معرفة اللحظة الحقيقية للوحي و رتبتها و مسار الوحي " ذلك أن تحديد اللحظة الأولى " يقدم لنا صورة عن التحول الذي حصل للمصطلح " ..

و يرى بأنه " يلاحظ أن اللحظة الأولى كتجربة روحية عند الرسول الأكرم كانت متقدمة بالنسبة لفعل القراءة عما كان عليه قومه "..

كما استخلص من حديث للرسول الكريم من " أنه كوشف في قضية الوحي بفعل القراءة الذي مر بمرحلتين هما الرؤيا و التحدث "...

و أشار إلى أن " صدمة اللقاء الأول بين جبريل عليه السلام و رسولنا صلى الله عليه و سلم أفقدت اللحظة الأولى شروطها الواعية و أخرجت الرسول من حالته النفسية العادية لتنقله إلى شرط جديد و أجواء جديدة و عالم جديد...حالة سيطرت عليه لثوان ( أرجو أن ينظر في تكميم هذه اللحظة بمقدر الثوان فنحن لا علم لنا بجانبها الكمي إلا أنها من غير شك قصيرة ) " ثم انهار بعدها "

" يقول الكاتب " الأمر الذي يدل على أن إجابة الرسول بالنفي على جبريل لا تستجيب إلى أنساق اللغة العربية و التاريخ بقدر ما ئؤسس للغة جديدة و تاريخ جيديد و معرفة جديدة و إطار جديد " يقول عنها الكاتب " خارج عن المعتاد و خارج عن الزمني"....

هكذا تواصل تحليل الباحث لحمولات اللحظة الجديدة و معانيها بردها إلى السياق الزمني لحظة وقوع و خارج السياق الزمني دلالة و أفقا..

لقد نجح الكاتب في إعطاء إشراقة جديدة للقارىء و شحنه بمعان يدشن بها تدبره للنص القراني وفق شروط وعي ترد إلى معالمها ..

و ينتهي إلى أن هنالك فرق بين فهم الوحي في إطار لحظة تنزله و بين فهمه بعد قراءته و إعادة إنتاجه من خلال التلاوة....

و من خلال فقرة لأحمد الرفاعي تتعلق بتطهير اللسان دشن الكاتب فصلا جديدا وسمه " حضرة الأمر بالقراءة " ...

بين و لخص فيه كيف أن اللحظة التي كوشف فيها الرسول الأكرم " كانت اخر لحظات ليلة طويلة استغرق خلالها الرسول في حضرة ربه و وصل فيها إلى مقام الربوية فجاءه الحق"

و أترك الكلام على ذمة صاحبه و بينه و بين القارىء رغم استشهاده بقول ام علي بنت عبد الله التي تحدثت عن قرب الوصول " إلى عالم الربوبية" لا مقام الربوبية في تقديري..

و واصل الكاتب تبيينه أن الرسول كان إبراهيميا مقتديا بجده مكررا ليلة الوصلة و الوصل و الوصول مستشهدا شرح صاحب الإحياء في تفسير قوله تعالى " فلما جن عليه الليل رأى كوكبا قال هذا ربي " التي هي نهاية فسحة
إبراهيم عليه السلام تتبعا للنور و دليل الاطراد لمخلوقات الله من الكواكب المنيرة..

مبينا كيف أن مقصد العارفين جميعا هو وصل الله و لقاؤه فقط..

و إيثار الله على كل شيء موردا أيضا قول سعيد الخراز في الوصل ..ثم تناول موضوع الفناء باعتبار الوصول فناء في المحبوب..

لعلني لا أتقاطع مع صاحب الكتاب في قوله ( ليس جهلا بحقيقة الحلول لكن باعتبارها ريحا شرقية هبت على العرفان الاسلامي فتمشرق..)..
حيث فسر الكاتب سر الغط و قد اشار من قبل الى ذوبان الذات المحمدية في فعل الرب و حضرته..حيث كما قلت فسر الغط الذي حصل لرسولنا الاكرم من قبل جبريل عملية روحية تنقل الرسول من مقام عين الجمع و ترده الى عالم التفصيل و عالم الإنسان و لكن ليس بصفاته الذاتية بل بصفات الله تعالى و باسم الرب جل و علا بذات مكرمة و بصورة الإنسان...

و إن كنت اتحفظ على مثل هذه التفسير و أعتبره كما قلت حلولا ممزوجا ببعض النفحات المسيحية ليس قصدا بل تسربت إلى العرفان الإسلامي و من نهلوا منها و أرى فيها روحانية تزحزحت من فضاء عرفان أصيل سليم إلى تأويل مشرقي هيلنستي يقفز بالتأويل من غير قرينة قريبة إلى تاويل بعيد ينتظم و الوافد الروحي الغنوصي...

إنني و أنا أتحفظ على لون من الفهم محدد لا أقصد به تجريما و لا انتقاصا من قيمة الكتاب و لا صاحبه الذي أعرف عنه صدق المقصد و نقاء الروح و ثورية النزوع ...

إن تصوفه مهما اختلفنا معه أرقى من كثير من التصوف اللاعارف و المحدود لبعض الطرق و الجماعات التي تنشر الدروشة و الخرافة..

يورد الأستاذ محمد الصالح الضاوي نصا يختم به فصله للقاشاني في تفسيره ينسب إلى الشيخ الأكبر محي الدين ابن عربي تناول فيها رتبة رد الجمع إلى التفصيل..

ليستخلص ما يلي /

أولا/
تعبد الرسول في غار حراء هو بحث عن سر الكون و الإنسان و الحياة

ثانيا/
فناء الرسول حسب رأيه في رتبة الجمع في الحضرة الشاملة إنتهى بأمر الله للرسول بالرجوع إلى الخلق بأوصاف جديدة ( هذا يتنافى و بشرية الرسول في تقديري فالأصطفاء في نظري لا ينزع البشرية و يرسخ الفردية و التميز..)

ثالثا/
في الحضرة الشاملة حيث وجود النبي حصل بالله و انتفى به الوجود الفردي فكان الأمر بالقراءة من الله تعالى و كان المأمور أيضا بالله تعالى ( و لا أحسب هذا إلا حلولا أتحفظ عليه و الله لا يمكنه أن يكون موضوع أمر بل أمر الرسول وحده فلا معجزة للرسول إلا القران و مشيئة الله تعمدت بقاء الأمر الإلهي في متناول العقل الإنساني و النفس الإنسانية الرسولية و لا أحد يعلم كيفيات حدوث اللحظة الأولى سوى الله عز وجل )

رابعا/

لما كوشف رسول الله بامر القراءة و هو فان عن نفسه اعتذر عنها لعدم وجوده الذاتي و لأن الوجود الوحيد كان الوجود الحقاني (نسبة إلى الحق) ..فكأن الأمر بالقراءة كان من الله و إلى الله فرد الله للرسول صفته الخلقية لينوب عن الله في القراءة ( الخلافة) فخصه باسم الرب الذي يجمع صفات الأفعال و ميز منه فعل الخلق باعتباره فعل الحجاب...

كان الفصل عميقا و مثيرا لأسئلة كثيرة عند القارىء خاصة و أنه في تقديري قد لامس مسألة في نفس الوقت غنوصية المشرب مشرقية النزوع عرفانية و إسلامية المصدر أو المرجع و أنطولوجية الصفة و فلسفية العمق....


لا يهم أن نختلف أو نتفق فالذي يهمهنا هو ارتقاء القول في العرفان فليرتقي القول بالإختلاف و التأييد و التوافق...." (يتبع)


تأليف/ الأستاذ الباحث محمد الصالح الضاوي-باحث جزائري-











عرض و تقديم حمزة بلحاج صالح –كاتب و باحث جزائري-



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

يتم التشغيل بواسطة Blogger.