الانتخابات والفساد الجماعي أي واقع وأية آفاق؟.....1
محمد الحنفي
تقديم:
تعتبر الانتخابات التي تجري كل ست سنوات، على مستوى الجماعات الترابية:
الحضرية، والقروية: المحلية، والإقليمية، والجهوية، التي تهدف إلى تجديد
المسؤوليات، وتحديدها، حتى توضع، تلك المسؤوليات، تحت مجهر الجماهير الشعبية
الكادحة، التي لا تملك إلا القدرة على المراقبة، والتتبع، إن هي تمرست على
المراقبة، والتمتع، بالنسبة لمن يتحمل المسؤوليات الجماعية: المحلية، والإقليمية،
والجهوية، أملا في الانتقال من وضعية، إلى وضعية متقدمة، ومتطورة، أملا في تحسن
الأوضاع المادية، والمعنوية.
وغالبا ما نجد: أن واقع الجماعات الترابية، يخيب الأمل الذي تعقده الجماهير
الشعبية الكادحة، عليها: اقتصاديا، واجتماعيا، وثقافيا، وسياسيا. الأمر الذي يترتب
عنه: إصابة الجماهير الشعبية الكادحة، في كل قرية، وفي كل مدينة، باليأس من العمل
الجماعي، خاصة، وأن المسؤولين الجدد، بما في ذلك الأعضاء العاديون، لا يهتمون إلا
بمصالحهم الخاصة: الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية بصفة خاصة، حتى
وإن كانوا يعطون الوعود للجماهير الشعبية الكادحة، من أجل أن تصوت عليهم، ومن أجل
أن تصير سببا في وصول العديد من المرشحين إلى مراكز القرار الجماعي، ولكنهم لا
يعترفون بالناخب، كما لا يعترفون بسكان الجماعة، التي صوتت عليهم؛ لأن وصولهم إلى
مراكز القرار، أنساهم الناخب، الذي أوصلهم، وأنساهم سكان الجماعة، الذين كانوا
يقدمون لهم الوعود الكاذبة، من أجل التصويت عليهم.
فما هو المفهوم الذي نعطيه للانتخابات الجماعية؟
وما هو المفهوم الذي نعطيه للجماعات الترابية؟
الجماعات الترابية، بين الفساد الانتخابي، وفساد المجالس الجماعية
الترابية. فأي الفسادين أكثر أثرا، في ممارسة الجماعات الترابية؟
هل الفساد الجماعي، نتيجة للفساد الانتخابي؟
أم أن الفساد الانتخابي، سبب في إنتاج الفساد الجماعي، كممارسة يومية،
للجماعات الترابية؟
تمرس الناخبين على عرض ضمائرهم، على رصيف الانتخابات، من أجل البيع،
ليشتريها سماسرة الانتخابات، أو المتاجرون في الضمائر الانتخابية، من أجل إعادة
بيعها، إلى المرشحين للانتخابات الجماعية.
فهل يتم وضع حد لهذه الظاهرة، التي تسيء إلى الناخبين، وإلى الشعب المغربي،
وإلى الوطن، وإلى الدولة المغربية؟
وهل يوضع حد لسماسرة الانتخابات، كما سمتهم وزارة الداخلية، أو تجار ضمائر
الناخبين، كما نسميهم نحن؟
وهل يمنع المرشحون، من ذوي الماضي الأسود، في حالة السماح لهم بالترشيح، من
شراء ضمائر الناخبين، من أجل الوصول إلى مراكز القرار، في الجماعات الترابية؟
هل تقوم السلطات المحلية، بدورها، للحد من سيطرة الفساد الانتخابي، على
انتخابات الجماعات الترابية؟
وهل يمكن أن تتغير أوضاع الشعب المغربي، بدون تحرك الشعب المغربي، لوضع حد
للفساد الانتخابي، في انتخابات الجماعات الترابية؟
أليس الفساد الانتخابي، هو الذي يقف وراء فساد المجالس، والإدارات
الجماعية؟
أليس الفساد الجماعي، الذي تمارسه المجالس الجماعية، وكل أقسام، ومصالح الإدارة
الجماعية، هو الذي يقف وراء تخلف جماعاتنا الترابية: الاقتصادي، والاجتماعي،
والثقافي، والسياسي، وخاصة، في الوسط القروي؟
أليست محاربة فساد المجالس الترابية، وإداراتها، مساهمة في محاربة الفساد
الانتخابي؟
وماذا تفعل الإدارة المخزنية، الوصية على الجماعات الترابية، إن لم تحارب
الفساد الانتخابي، ثم الفساد الجماعي الترابي، في إطار المجالس الجماعية الترابية،
ثم في الإدارات الجماعية الترابية. وإلا فما معنى الوصاية، إن لم تقم السلطات
الوصية المحلية، بواجبها في محاربة الفساد الجماعي، وإلا، فإن هذه السلطات فاسدة؟
أليست الشروط التي تعيشها جماعاتنا الترابية، تفرض التخلص من الفساد
الانتخابي، ومن الفساد الجماعي، ومن فساد الإدارات الجماعية؟
أليس المغرب في حاجة إلى القضاء على كل أشكال الفساد الانتخابي، والفساد
الإداري، والفساد الجماعي بنوعيه؟
هل من حقنا أن نحلم بمغرب بدون فساد انتخابي، وبدون فساد جماعي ترابي،
وبدون فساد إداري جماعي، وغير جماعي، وبدون فساد اقتصادي، واجتماعي، وثقافي،
وسياسي؟
إننا بطرحنا لهذه الأسئلة، لا نهدف إلا إلى تحفيز التفكير، في الواقع
الاقتصادي، والاجتماعي، والثقافي، والسياسي، بما فيه الانتخابي، من أجل الوصول إلى
إيجاد حلول لمعيقات التقدم، والتطور، حتى لا نظهر كشعب، وكدولة، وكأننا نعمل على
المحافظة على تخلفنا الاقتصادي، والاجتماعي، والثقافي، والسياسي، مع أن الأمر
مختلف تماما. ونحن نسعى إلى التقدم، والتطور، ولكننا لا نستطيع التقدم، والتطور،
نظرا للمعيقات التي تحول دون تحقيق التقدم، والتطور، على الأقل، كما يراه الشعب،
لا كما تراه الدولة، التي تقع تحت تأثير المؤسسات، والدول، التي فرضت إغراق
المغرب، في خدمة الدين الخارجي، دون أن نذكر خدمة الدين الداخلي.
ومن منطلق قيام عوائق، تحول دون تقدمنا، وتطورنا، فإن موضوعنا هذا:
(الانتخابات والفساد الجماعي، أي واقع، وأية آفاق؟).
تتم معالجته في إطار نقدي، خالص، للممارسة الانتخابية الجماعية الترابية،
ولممارسة الجماعات الترابية، ولممارسة الإدارة الجماعية، حتى نستطيع التقدم،
والتطور، بفعل وجود عوائق خارجية، وعوائق داخلية.
فالعوائق الخارجية، تتمثل في التبعية، وخدمة الديون الخارجية، المتعددة
المصادر، التي من جملتها: المصادر الداخلية، والمصادر الخارجية. وما دامت الديون
الداخلية لا يترتب عنها، ما يترتب عن الديون الخارجية، فإن أثرها على الاقتصاد
الوطني، يبقى محدودا. أما الديون الخارجية، التي أصبحت تغطي ما يقارب 92 في
المائة، من الدخل الوطني، فإن خدمتها، ستكلفنا كثيرا، وستعرقل تقدمنا، وتطورنا،
اقتصاديا، واجتماعيا، وثقافيا، وسياسيا.
ونحن عندما نناقش موصوع:
(الانتخابات والفساد الجماعي، أي واقع، وأية آفاق؟).
فإننا سنستحضر في مناقشتنا: المعيقات الداخلية، والمعيقات الخارجية، التي
تحول دون تقدمنا، وتطورنا. إلا أن هناك معيقات ذاتية، لها علاقة بالانتخابات
الجماعية، كما لها علاقة بالتدبير الجماعي، استثمارا، وتسييرا لشؤون الجماعات
الترابية.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق