((المناضل))
اللي كايقطع ((سباطو))، والمناضل اللي كايقطع سباطو... أية علاقة؟ وأية أهداف؟
محمد الحنفي
كثيرا ما تضايقني عبارات متداولة في المجالات المعتبرة
نضالية، وفي المجالات الحياتية على المستوى العام، من قبيل عبارة ((المناضل))،
وعبارة ((كايقطع سباطو))، التي نجد أن مردديها، غالبا ما يزايدون بها على غيرهم،
ممن يعتبرونهم نقيضا لهم، سعيا إلى نفيهم، ومحاصرتهم، وتضييق الخناق عليهم، حتى
يخلو لهم الجو، لينفردوا ب ((النضال))، لتحقيق أهداف خاصة، لا علاقة لها لا
بالنضال من أجل تحسين الأوضاع المادية، والمعنوية، للجماهير الشعبية الكادحة، ولا
بالنضال من أجل التحرير، والديمقراطية، والاشتراكية، كما تسعى إلى ذلك الحركة
الديمقراطية، والتقدمية، واليسارية، والعمالية.
والواقع، أن هناك نوعين من المناضلين، نوع يناضل بصدق، ونوع
لا وجود للصدق في ((نضاله))، وكلاهما يقطع السباط.
ف ((المناضل)) اللي كايقطع ((سباطو ))، هو ((مناضل)) الذي
لا يتحرك، إلا إذا كانت تلك الحركة في خدمة مصالحه، سواء تعلق الأمر بالعلاقة مع
الجماهير الشعبية الكادحة، أو تعلق بالعمل في إطارات جمعوية، أو نقابية، أو حتى
حزبية؛ لأن استحضار المصالح الخاصة، هو الذي يحدد:
هل يقوم ((المناضل)) اللي كايقطع ((سباطو)) بحركة
((نضالية)) معينة؟
أم أنه يحجم عن القيام بتلك الحركة؟
فإذا كانت الحركة ((النضالية))، تخدم المصالح الخاصة، وما
أكثر تلك المصالح، التي يأتي على رأسها ممارسة كل أشكال الابتزاز، على الجماهير
المعنية بذلك ((النضال))، قام ((المناضل)) بتقطع ((سباطو)). وإذا كانت الحركة
النضالية، لا تخدم مصالحه، أحجم ((المناضل)) عن تقطيع ((سباطو))، إن لم يقم بإفشال
تلك الحركة النضالية، حتى لا تحقق أهدافها.
والمناضل اللي كايقطع سباطو فعلا، من أجل تحسين الأوضاع
المادية، والمعنوية، للجماهير الشعبية الكادحة، وطليعتها الطبقة العاملة، ومن أجل
تحقيق التحرير، والديمقراطية، والاشتراكية، ومن خلال العلاقة المباشرة مع الجماهير
الشعبية الكادحة، وعن طريق التواجد في الإطارات الجماهيرية، والحزبية المناضلة، هو
مناضل صادق، يترفع عن ممارسة الابتزاز على الجماهير الشعبية الكادحة، ولا يزايد
على غيره من المناضلين، ولا يسعى، أبدا، إلى التميز ب ((النضال)) في صفوف الجماهير
الشعبية، التي ترتبط به، ولا يدعي أنه صاحب فضل عليها، في حالة تحقيق بعض مطالبها
الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية، ولا يرى نفسه متميزا بينها،
لتواضعه الذي لا يتزحزح أبدا.
فما هو الفرق بين ((المناضل)) اللي كايقطع ((سباطو))،
والمناضل اللي كايقطع سباطو؟
إن الفرق بين هذين الصنفين من المناضلين، كالفرق بين السماء،
والأرض، فلا شيء يجمع بينهما، نظرا للتناقض القائم بين ممارسة كل منهما.
فممارسة ((المناضل)) اللي كايقطع ((سباطو))، لا يمكن أن
توصف إلا بالممارسة الانتهازية، التي صارت منكشفة أمام الجميع، ومعروفة للخاص،
والعام، ويروجها في المجتمع أولئك الذين مورست، أو تمارس في حقهم كأفراد، أو
كقطاعات، أو كمجتمع، ولا تهدف إلا إلى خدمة المصالح الخاصة، مهما كانت هذه المصالح
ضيقة، ومنحطة، وبئيسة، كما هو الشأن بالنسبة لمن يحتسي الخمرة، على حساب من يستفيد
من خدمة ((المناضل))، اللي كايقطع ((سباطو))، والذي يعتبر ممارسته ممارسة
((نضالية)).
أما ممارسة المناضل اللي كايقطع سباطو، من أجل الجماهير
الشعبية الكادحة، فإن هذه الجماهير، هي وحدها التي تحدد:
هل تلك الممارسة تعتبر نضالية، أم لا؟
والمناضل اللي كايقطع سباطو، من أجل الجماهير، لا يحتاج إلى
وصف ممارسته بالنضالية؛ لأن ما يهمه، هو تحقيق المكاسب المادية، والمعنوية لصالح
الجماهير الشعبية الكادحة، وهو تحقيق التحرير، والديمقراطية، والكرامة الإنسانية،
والعدالة الاجتماعية.
والجماهير الشعبية الكادحة، التي ليست مغفلة، وليست بعيدة
عما يجري في الواقع، تعرف جيدا:
من هو ((المناضل)) اللي كايقطع ((سباطو))؟
ومن هو المناضل اللي كايقطع سباطو؟
وما هي الأهداف التي يسعى كل منهما إلى تحقيقها؟
لأنها تعرف كذلك، أن ((المناضل)) اللي كايقطع ((سباطو))، من
أجل مصلحته الخاصة، ومن أجل ممارسة الابتزاز المادي، والمعنوي، على ذوي الحاجة إلى
العلاقة معه، يختلف جملة، وتفصيلا، عن المناضل اللي كايقطع سباطو، من أجل أبناء
الشعب المغربي الكادحين: عمالا، وأجراء، وفلاحين فقراء، ومعدمين، وتلاميذ، وطلبة،
وعاطلين، ومعطلين.
وما تعرفه الجماهير الشعبية الكادحة، هو الذي يجعلها لا
تحترم ((المناضل)) اللي كايقطع ((سباطو))، من أجل تحقيق مصالحه الخاصة، وتحترم
المناضل اللي كايقطع سباطو، من اجل الجماهير الشعبية الكادحة، انطلاقا من أن:
أولا: ((المناضل))اللي كايقطع ((سباطو))، هو ((مناضل)) انتهازي،
لا يهتم إلا بتحقيق تطلعاته الطبقية، باعتباره حاملا لأمراض البورجوازية الصغرى،
التي لا تهتم إلا بتحقيق تطلعاتها الطبقية: الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية،
والسياسية، على حساب تكريس بؤس العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين.
ثانيا: المناضل اللي كايقطع سباطو، هو مناضل مخلص للجماهير
الشعبية الكادحة، وطليعتها الطبقة العاملة، ومرتبط بها ارتباطا عضويا، وثوريا،
ويسعى إلى انتزاع مكاسب مادية، ومعنوية، لصالحها، ويعمل على إشراكها في النضال
اليومي: الاقتصادي، والاجتماعي، والثقافي، والسياسي، في أفق تحقيق الأهداف
المرحلية، والإستراتيجية، الهادفة إلى التغيير الجذري للأوضاع الاقتصادية،
والاجتماعية، والثقافية، والسياسية، حتى تصير في خدمة مصالح الجماهير الشعبية
الكادحة، وطليعتها الطبقة العاملة.
ثالثا: ((المناضل)) اللي كايقطع ((سباطو))، باعتباره ممارسا
لكافة أشكال الابتزاز المادي، والمعنوي، على أفراد القطاع الذي ينتمي إليه، وعلى
الجماهير الشعبية الكادحة، التي لا يهتم بممارستها، ولا يسعى إلى تحقيق أهداف
معينة لصالحها، ولا يضحي من أجلها، ولا تثيره معاناتها المادية، والمعنوية، ولا
يسعى إلى رفع الحيف عنها، ولا يناضل، بصدق، من أجلها، ولا يرتبط بها ارتباطا عضويا،
ولا يعمل على تحريك الإطارات التي ينتمي إليها، ولا يسعى إلى إشاعة أيديولوجية
الكادحين، ولا يقارع الأيديولوجية اليمينية الرجعية الظلامية، ولا يعمل على نفيها
من الواقع، لصالح تسييد أيديولوجية العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين.
رابعا: المناضل اللي كايقطع سباطو، باعتباره ممارسا لكافة
أشكال التضحيات: المادية، والمعنوية، من أجل تحقيق مكاسب مادية، ومعنوية، لصالح
أفراد القطاع الذي ينتمي إليه، ولصالح الجماهير الشعبية الكادحة، التي يهتم
بممارستها، ويسعى إلى تحقيق أهداف معينة لصالحها، ويضحي من أجلها، وتثيره معاناتها
المادية، والمعنوية، ويسعى إلى رفع الحيف عنها، ويناضل، بصدق، من أجلها، ويرتبط
بها ارتباطا عضويا، ويعمل على تحريك الإطارات التي ينتمي إليها، ويسعى إلى إشاعة
أيديولوجية الكادحين، ويقارع الأيديولوجية اليمينية، والرجعية، والظلامية، ويعمل
على نفيها من الواقع، لصالح تسييد أيديولوجية العمال، وباقي الأجراء، وسائر
الكادحين.
خامسا: ((المناضل)) اللي كايقطع ((سباطو))، بدون تواضع،
وبدون نكران الذات، ولا يهمه إلا أن يعرف أنه ((يناضل))، ولا يهمه إلا أن يتسلق
رتب ((النضال))، حتى يتمكن من تحقيق المكاسب الخاصة، التي تعرف تصاعدا في
الاستفادة، وخاصة على مستوى الإطارات الجماهيرية؛ لأن الأمر بالنسبة إليه، أن تسلق
مراتب النضال، يضاعف الاستفادة الخاصة، ويكسب القدرة على ممارسة الابتزاز المزدوج:
على الجهة الممارسة للاستغلال، وعلى أفراد العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين،
مما يسرع أكثر، بتحقيق تطلعاته الطبقية.
سادسا: المناضل اللي كايقطع سباطو، بتواضع، ونكران الذات،
ولا يهمه أن يعرف أنه يناضل، ولا يتسلق رتب النضال، بقدر ما يتحمل المسؤولية في
مستوياتها المختلفة، بناء على رغبة المناضلين الأوفياء، مما يضاعف من التضحيات
التي يبذلها، وخاصة على مستوى الإطارات الجماهيرية؛ لأن الأمر بالنسبة إليه، أن
مضاعفة التضحيات، تكسب القدرة على التأثير على المستغلين، وعلى الحكام، من أجل
انتزاع المكاسب المادية، والمعنوية، لصالح الجماهير الشعبية الكادحة، وسعيا إلى
جعل هذه الجماهير مساهمة بشكل فعال، من أجل تغيير الأوضاع الاقتصادية، والاجتماعية،
والثقافية، والسياسية لصالحها.
وهكذا، يتبين، وبكامل الوضوح، أن ((المناضل)) اللي كايقطع
((سباطو))، ليس كالمناضل اللي كايقطع سباطو؛ لأن الأول متقمص ل ((لنضال))، ولذلك
وضعناه بين مزدوجتين، والثاني يناضل بصدق، ولذلك لم نضعه بين مزدوجتين، ولأن الأول
كايقطع ((سباطو)) من أجل تحقيق مصالح خاصة به، وهو ما جعلنا نضع كلمة ((سباطو))
بين مزدوجتين، أما الثاني اللي كايقطع سباطو من أجل العمال، وباقي الأجراء، وسائر
الكادحين، ومن أجل التحرير، والديمقراطية، والاشتراكية، فهو يضاعف من تقطاع السباط.
ولذلك لم نضع كلمة سباطو بين مزدوجتين، تعبيرا عن حضور التضحية الفعلية، التي لا
وجود فيها لأي مزايدة، ولا لأي ابتزاز مزدوج، أو غير مزدوج.
وبناء عليه، نجد أن العلاقة القائمة بين ((المناضل)) اللي
كايقطع ((سباطو))، والمناضل اللي كايقطع سباطو، هي علاقة تناقض مطلق، فلا شيء يجمع
بينهما، حتى وإن وجدا معا في نفس التنظيم الجماهيري، أو الحزبي؛ لأن ((المناضل))
اللي كايقطع ((سباطو))، يستغل التنظيم الجماهيري، أو الحزبي، لتحقيق مصالح شخصية،
تتضاعف باستمرار، لتحقيق المزيد من التطلعات الطبقية، ولأن المناضل اللي كايقطع
سباطو، لا يستغل التنظيم لصالحه، أبدا، بقدر ما يضحي من أجل البناء، والتنظيم، ومن
أجل التطوير، سعيا إلى جعله في مستوى التحديات المطروحة اقتصاديا، واجتماعيا،
وثقافيا، وسياسيا، حتى يصير قادرا على انتزاع المزيد من المكاسب، لصالح الجماهير
الشعبية الكادحة، وقادرا على قيادة عملية التغيير لصالح تلك الجماهير.
أما الأهداف التي يسعى ((المناضل)) اللي كايقطع ((سباطو))،
والمناضل اللي كايقطع سباطو، إلى تحقيقها، فتختلف باختلاف طبيعة ((المناضل))، عن
طبيعة المناضل.
ف ((المناضل)) اللي كايقطع ((سباطو))، يسعى إلى تحقيق
الأهداف الآتية:
أولا: السيطرة على التنظيم الجماهيري، أو الحزبي، بطريقة
بيروقراطية، ديكتاتورية، تحرص على التحكم في التنظيم المحلي، أو الإقليمي، أو
الجهوي، أو الوطني، حتى لا يتحول إلى تنظيم ديمقراطي، تقدمي، جماهيري مستقل،
ووحدوي، نظرا لكون البيروقراطية، والديكتاتورية، تعتبران معا، نقيضين للديمقراطية،
والتقدمية، والجماهيرية، والاستقلالية، والوحدوية.
ثانيا: توظيف التنظيم لخدمة المصالح الطبقية، ل ((المناضل))
اللي كايقطع ((سباطو))، وخاصة، تلك التي لها علاقة بتحقيق التطلعات الطبقية:
الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية، من أجل ضمان التصنيف الطبقي، إلى
جانب العناصر الفاسدة، المشكلة للإقطاع، والبورجوازية، والتحالف البورجوازي
الإقطاعي المتخلف، والبورجوازية الصغرى، والمتوسطة، المريضة بالتطلعات الطبقية،
التي بدون ممارسة الفساد ((النضالي))، لا يمكن التصنيف إلى جانبها.
ثالثا: ممارسة العمالة الطبقية، مقابل العمل على تعطيل
تفعيل قرارات الإطارات الجماهيرية، والحزبية المناضلة، من أجل خلق شروط ممارسة
الابتزاز على الطبقات الممارسة للاستغلال المادي، والمعنوي، على العمال، وبقي
الأجراء، وسائر الكادحين.
رابعا: ممارسة كافة أشكال القمع، على المناضلين المنتمين
إلى التنظيمات، التي يسيطر عليها ((المناضل)) اللي كايقطع ((سباطو))، حتى يبقى هذا
((المناضل)) اللي كايقطع ((سباطو))، هو القيادة، وهو القاعدة، ومن أجل أن لا يصير
المناضل اللي كايقطع سباطو، منافسا له في الميدان، حتى لا يصير الإطار فارزا
لمناضلين أكفاء، ومتمرسين في الميدان.
خامسا: إضعاف التنظيم النقابي، أو الجمعوي، أو الحزبي، حتى
يصير عاجزا عن فرز مناضلين أو فياء للجماهير الشعبية الكادحة، لضمان استمرار
((المناضل)) اللي كايقطع ((سباطو)) في القيادة، وفي القاعدة، في نفس الوقت، لأن
ضعف الإطار، معناه استمرار السيطرة البيروقراطية، والديكتاتورية، في أي تنظيم
يقوده ((المناضل)) اللي كايقطع ((سباطو)).
أما المناضل للي كايقطع سباطو، فإنه يسعى إلى تحقيق الأهداف
الآتية:
أولا: تحرير الأرض، والإنسان، وتقديم كافة التضحيات اللازمة
لذلك، من أجل أن تصير كل أجزاء التراب الوطني المحتلة، متحررة من الاحتلال الأجنبي،
مهما كان نوع هذا الاحتلال، ومن أجل أن يتحرر الإنسان المغربي، من كل أشكال
الاستعباد، التي تقيد حريته الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية.
فالتحرر، من العوامل التي تجعل الشعوب تنطلق في اتجاه الإبداع، وفي كل المجالات:
الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية.
ثانيا: تحقيق الديمقراطية، بمضامينها الاقتصادية،
والاجتماعية، والثقافية، والسياسية، في مقابل القضاء على كل مظاهر الاستبداد، التي
تحول دون التقدم، والتطور، المعبر عن طبيعة الكيان البشري، الذي يتحرك باستمرار،
والذي يعبر عن حركيته تلك، بالتحول الاقتصادي، والاجتماعي، والثقافي، والسياسي،
الذي لا نستطيع أن نعمل على قيامه على أرض الواقع، إلا بتحقيق الديمقراطية، وبكافة
مضامينها، كنقيض للاستبداد، وبكافة مضامينه.
ثالثا: تحقيق الكرامة الإنسانية، التي تعتبر هدفا أسمى، في حياة
كافة الشعوب التواقة إلى التحرر، والانعتاق من كل أساليب ممارسة امتهان كرامة
الإنسان، والكرامة الإنسانية، لا تتحقق إلا بتمتيعه بكافة حقوقه: الاقتصادية،
والاجتماعية، والثقافية، والمدنية، والسياسية، واتخاذ كافة الإجراءات الضرورية،
لضمان تمتيع جميع أفراد الشعب، بتلك الحقوق، ولضمان تحقيق الكرامة الإنسانية على
المدى القريب، والمتوسط، والبعيد.
رابعا: تحقيق العدالة الاجتماعية، التي لا تتحقق إلا
بالتوزيع العادل للثروة، الذي لا يصير مضمونا إلا في إطار الدولة الوطنية
الديمقراطية، والمدنية، والعلمانية، ودولة الحق، والقانون، السائرة في اتجاه
التحول إلى دولة اشتراكية؛ لأنه إذا لم يكن هناك توزيع عادل للثروة، لا يمكن أن
تتحقق العدالة الاجتماعية، وإذا لم تكن الدولة ديمقراطية، لا يمكن أن تسعى إلى
أجرأة التوزيع العادل للثروة، حتى يشعر جميع المواطنين بانتمائهم إلى الأرض،
وبحقهم في جزء من الثروة الوطنية، في إطار تحقيق العدالة الاجتماعية.
وهكذا، يتبين أن الأهداف التي يسعى إلى تحقيقها ((المناضل))
اللي كايقطع ((سباطو))، ليست هي الأهداف التي يسعى إلى تحقيقها المناضل اللي
كايقطع سباطو، نظرا للتناقض القائم بينهما، على مستوى الممارسة اليومية، لكل منهما،
والتي تعبر فعلا عن تجسيد ذلك التناقض القائم على أرض الواقع، مما يجعلهما لا
يتقاطعان إلا في كلمتين: هما ((المناضل)) بين مزدوجتين، والمناضل بدون مزدوجتين،
و((سباطو)) بين مزدوجتين، وسباطو بدون مزدوجتين، وفي جملة ((المناضل))اللي كايقطع
((سباطو))، وجملة المناضل اللي كايقطع سباطو، لتكريس التناقض القائم بينهما، على
أرض الواقع، هذا التناقض المتمثل في أن ((المناضل)) الأول، كايقطع ((سباطو)) من
أجل خدمة مصالحه الفردية، وتحقيق تطلعاته الطبقية، وأن المناضل اللي كايقطع سباطو،
من أجل تحقيق التحرير، والديمقراطية، والاشتراكية، باذلا في سبيل ذلك كل أشكال
التضحيات، التي يقتضيها النضال من أجل تحقيق الأهداف المرسومة.
ونحن عندما طرحنا موضوع ((المناضل)) اللي كايقطع ((سباطو))،
والمناضل اللي كايقطع سباطو... أية علاقة؟ وأية أهداف؟، من أجل المناقشة، لم نطرحه
من أجل المزايدة على أحد، بل من أجل أن تخضع ممارسة المناضلين الأوفياء، وغير
الأوفياء للجماهير الشعبية الكادحة، للتقييم، حتى تساهم تلك الجماهير المعنية
بالنضال من أجلها، في كشف من يناضل فعلا من أجل تحقيق أهداف تخصها، ومن ((يناضل))
من أجل تحقيق تطلعاته الطبقية، ومن أجل وضع حد للمزايدة التي يمارسها علينا البعض،
مع أننا لم ندع قط أننا نناضل، ولم نمارس قط أي شكل من أشكال الابتزاز على
الجماهير المعنية، لا كأفراد، ولا كجماعات؛ لأن ما يهمنا، هو تحقيق المكاسب
المادية، والمعنوية لعموم الكادحين، وفي إطار تحقيق الحرية، والديمقراطية،
والعدالة الاجتماعية.
ابن جرير في 28 / 1 / 2013
محمد الحنفي
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق