الانتخابات والفساد الجماعي أي واقع وأية آفاق؟.....3
محمد الحنفي
مفهوم الجماعة الترابية:
2) وبالنسبة للجماعة الترابية، فإن مفهومها، ينطبق على مساحة معدة، من
التراب الوطني، بسكانها، قد تكون مدينة، أو مجموعة من القرى، ينتخبون من بينهم
مجلسا جماعيا، يدير شؤونهم: الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية، ويهتم
بإيجاد البنيات التحتية، التي تحتاج إليها الجماعة الترابية، لإقامة السكن اللائق،
والارتباط بباقي الجماعات، وبمجموع التراب الوطني، حتى تندمج الجماعة في المحيط،
وعلى المستوى الوطني.
وسكان الجماعة، قد تترسخ عندهم عزة النفس، انطلاقا من التربية، التي تلقوها
عبر المحيط، الذي نشأوا فيه، على مستوى البيت، وعلى مستوى المحيط، الذي يعيش فيه،
وعلى مستوى المدرسة، في مستوياتها المختلفة، وعلى مستوى المؤسسات التربوية
المختلفة الأخرى، إن تمكنوا من الالتحاق بها، وعلى مستوى الجمعيات التربوية،
وغيرها من الجمعيات، التي يلتحق بها الأطفال، واليافعون، والشباب، خاصة، وأن كل
فرد يتأثر بالقيم السائدة في الأسرة، أو السائدة في المحيط، أو السائدة في
المدرسة، والتي يمكن أن يتحلى بها كل أنسان، ليحافظ كل فرد من الجماعة، ومن
سكانها، على إنسانيته، مدى الحياة، أو كفاقد لإنسانيته، ليصير مجرد كائن بشري،
يمكن أن يعرض ضميره للبيع، كلما كانت هناك مناسبة، تعرض فيها الضمائر للبيع، كلما
كانت هناك انتخابات، أو أي مناسبة أخرى.
ومن هذا المنطلق، فإن الجماعة الترابية، قد تصير فيها القيم الإنسانية،
الإيجابية، وقد تسود فيها القيم النبيلة، التي لا علاقة لها بالإنسانية.
فالقيم الإنسانية الإيجابية، التي يتحلى بها، من تلقوا تربية سليمة، على
مستوى الأسرة، وعلى مستوى المحيط، وعلى مستوى المدرسة، في مستوياتها المختلفة،
وعلى مستوى المؤسسات التربوية غير المدرسية، وعلى مستوى الجمعيات التربوية، وغيرها
من الجمعيات، التي قد يلتحق بها، تجعلهم يعتزون بإنسانيتهم. فهم لا يعرضون ضمائرهم
للبيع، في الانتخابات، ويحرصون على أن يشاركوا فيها، على أساس الاقتناع ببرنامج
معين، يعبرون عن اختيارهم بكل حرية، ونزاهة، ويتبعون ممارسات أعضاء المجلس،
ويحرصون على تقييم عملهم، إيجابا، أو سلبا، ويرفضون تحولهم، كناخبين كبار، إلى عرض
ضمائرهم للبيع، لمن يشتري ضمائر الناخبين الكبار، ليستفرد بمركز القرار، ويحرصون
على أن يكون المجلس الجماعي، مهما كانت تشكيلته، في خدمة السكان، وخاصة، العمال،
وباقي الأجراء، وسائر الكادحين، ويرفضون التصرف في موارد الجماعة، إلا بالحق،
والقانون.
أما القيم اللا إنسانية، السلبية، التي يتحلى بها من تلقوا تربية غير
سليمة، على مستوى الأسرة، وعلى مستوى المحيط، وعلى مستوى المدرسة، في مستوياتها
المختلفة، وعلى مستوى المؤسسات التربوية، غير المدرسية، وعلى مستوى الجمعيات
التربوية، وغيرها من الجمعيات، إن تم الالتحاق بها.
وهؤلاء الحاملون للقيم التربوية، اللا إنسانية، والسيئة، يعرضون ضمائرهم
للبيع، لسماسرة الانتخابات، أو لتجار ضمائر الناخبين، ولا يهمهم من تحول من
الفائزين في الانتخابات، من المرشحين الذين باعوا ضمائرهم، إلى عارضين لضمائرهم
للبيع، قبل الفوز في الانتخابات، وبعدها، ولا يهمهم ما يقوم به أعضاء الجماعة، حتى
وإن قاموا بنهب كل ثروات الجماعة، الآتية من مختلف الموارد الجماعية، بما في ذلك
الاستيلاء على عقارات الجماعة، ولا يعملون على تقييم عمل أعضاء الجماعة:
هل يخدمون مصالحهم فقط؟
أم أنهم يعملون على خدمة مصالح السكان؟
وهل تلك الخدمة قانونية، أو غير قانونية؟
كما لا يهتمون بمحاسبة عضو، أو أعضاء الجماعة الترابية، في نهاية الدورة
الانتخابية.
إننا ونحن نناقش:
(الانتخابات والفساد الجماعي: أي
واقع، وأية آفاق؟).
وفي فقرة:
(ما هو المفهوم الذي نعطيه للجماعات الترابية؟).
نجد أن الفساد المهيمن في العلاقة بين الجماعات الترابية، وبين سكان تراب
الجماعات الترابية، يغير من مفهوم الجماعة الترابية، كمؤسسة لتقديم الخدمات
الضرورية، إلى سكان الجماعة، كما هو منصوص عليه في القانون المنظم للجماعات
الترابية، بالإضافة إلى الاهتمام بمظهر الجماعة، على مستوى إعداد البنيات التحتية:
الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية، ىربط الجماعة بمحيطها الإقليمي،
والجهوي، والوطني، حتى يشعر سكان الجماعة، أنهم جزء لا يتجزأ من الإقليم، ومن
الجهة، ومن الوطن، على جميع المستويات، ليشمل التقدم والتطور الذي يعرفه الإقليم،
وتعرفه الجهة، ويعرفه الوطن الجماعة الترابية، باعتبارها جزءا لا يتجزأ من
الإقليم، ومن الجهة، ومن الوطن.
إلا أن الفساد الذي يهيمن على الجماعات الترابية، يحولها إلى مجرد فخ مبني،
لاصطياد الضحايا، الذين لا دراية لهم بالقوانين الجماعية، والذين باعوا ضمائرهم
لسماسرة الانتخابات، أو لتجار ضمائر الناخبين، الذين يعيدون بيعها للمرشحين،
لعضوية الجماعة الترابية، الذين يتحولون، بدورهم، إلى عارضي ضمائرهم ،كناخبين
كبار، على رصيف تشكيل المكاتب الجماعية، ليتحولوا، بعد ذلك، إلى مجرد وسطاء، بين
الراشي، والمرتشي، من أعضاء المكتب الجماعي، أو من موظفي الجماعة الترابية، في
إحدى المصالح، أو في قسم من أقسام الإدارة الجماعية، نظرا للدور الذي تلعبه
الرشوة، في التجاوزات التي يعرفها القانون الجماعي.
فالجماعة الترابية، إذن، في القانون المنظم للجماعات الترابية، هي غير الجماعة،
على أرض الواقع. فهي في القانون المنظم للجماعات الترابية، هيأة منظمة، وجدت على
أساس تقديم مجموعة من الخدمات، التي تهم سكان الجماعة الترابية، بتنسيق مع مختلف
مصالح الدولة، على مستوى الجماعة، وتحت إشراف الإدارة الوصية، من أجل توفير الراحة
للسكان، على جميع المستويات، ومن أجل الاهتمام بمظهر الجماعة، حتى تصير وسيلة لجذب
السعادة للبيت، ولجذب المشاريع الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية،
حتى تحتل المكانة اللائقة بها، على المستوى الإقليمي، وعلى المستوى الجهوي، وعلى
المستوى الوطني، ومن أجل أن يصير لها إشعاع عالمي.
وعلى خلاف ما عليه الجماعة الترابية، على مستوى القانون المنظم للجماعات
الترابية، فإن الجماعة الترابية، تحولت إلى إطار لنهب جيوب سكان الجماعة الترابية،
وجيوب المتعاملين معها، من غير السكان، وعلى مستوى نهب ما تم رصده للبنيات
التحتية، التي تقتضيها التنمية الجماعية، اقتصاديا، واجتماعيا، وثقافيا، وسياسيا،
وعلى مستوى سيادة الإرشاء، والارتشاء، بين ذوي الحاجة إلى تلقي الخدمات الجماعية
الترابية، وبين الأعضاء الجماعيين من جهة، وبين العاملين في مختلف الأقسام،
والمصالح الجماعية الترابية، من جهة أخرى.
وما عليه الجماعات الترابية من فساد، في علاقة السكان بالأعضاء، وبالإدارة
الجماعية، ليس خافيا على السلطة الوصية، وليس خافيا، كذلك، على السكان، الذين يتم
إعادة تربيتهم، على قبول الفساد الجماعي، واعتباره جزءا لا يتجزأ من العمل
الجماعي، إلا أن المعرفة، لا تقف وراء:
ا ـ قيام السلطات الوصية، بوضع حد للفساد الجماعي، حتى تصير الجماعات
الترابية، بدون فساد، وتقديم الفاسدين إلى المحكمة، من أجل أن تقول كلمتها فيهم.
ب ـ قيام سكان الجماعة، بمواجهة الفساد الجماعي الترابي، وفساد الأعضاء
الجماعيين، وفساد العاملين في الإدارة الجماعية الترابية، بالاحتجاجات الضرورية،
حتى يتم اتخاذ الإجراءات الضرورية، في أفق جعل الجماعات الترابية، بدون فساد
الأعضاء، وبدون فساد الإدارة الجماعية.
وكيفما كان الأمر، فإن مفهوم الجماعات الترابية، في حاجة إلى تدقيق على
المستوى القانوني، وعلى مستوى تنظيم العلاقة بين المواطنين، من سكان الجماعة
الترابية، وبين الأعضاء الجماعيين، من جهة، وبين العاملين في مختلف مصالح وأقسام
الجماعات الترابية، من جهة أخرى، من أجل وضع حد للفساد، حرصا من السلطات الوصية
ومن سكان كل جماعة، على أن تكون الجماعات الترابية، إطارات بدون فساد.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق