الخميس، 3 يناير 2013

الرئيسية نص مداخلة الدكتورة هند عروب في الندوة الحقوقية الدولية بأيث بوعياش

نص مداخلة الدكتورة هند عروب في الندوة الحقوقية الدولية بأيث بوعياش


نص مداخلة الدكتورة هند عروب في الندوة الحقوقية الدولية بأيث بوعياش
2013/01/02


فري ريف : خاص
استمرار الانتهاكات الحقوقية في المغرب في ظل تناقض الخطاب والواقع:
نص مداخلة هند عروب في إطار الندوة الدولية التي نظمت بآيت بوعياش في 22 دجنبر 2012 من قبل منتدى حقوق الإنسان بشمال المغرب تحت عنوان:
’’أي دور للحركة الحقوقية في الترافع عن قضايا الانتهاكات الجسيمة لحقوق الانسان-جهة الشمال’’ .

إن خارطة الانتهاكات الحقوقية بالمغرب السنوات الأخيرة بقيت وفية لأعمدتها الرئيسية ( القمع- الاعتقال- التعذيب- المحاكمات غير العادلة- ازدراء الأوضاع المعيشية…)، وذلك رغم التزامات المغرب الدولية و الدستورية في مجال حقوق الإنسان. فمسرح الأحداث يعري واقعا متناقضا، بينما تحيل منابره على الوهم الخطابي،  يحيل ميدانه على الإقبار الحقوقي.
فواقع الانتهاكات الحالية لا يتمايز عما سجل قبل منح دستور 2011 من قمع و اعتقال يطال الجميع دون استثناء ( نشطاء حقوقيون و سياسيون- صحفيون- فنانون- مدونون- معطلون …و حتى المواطنين من عامة الشعب)، و يظل النصيب الأوفر من الانتهاكات يمارس في حق نشطاء حركة20 فبراير والمواطنين المشاركين في الحراك الاجتماعي السلمي.
 و لم تتخل الآلة المخزنية سنة 2012  عن أساليبها التقليدية و الاعتيادية في قمع الاحتجاجات السلمية المطالبة بالحق في الحياة و العيش الكريمين، و الشاهد في ذلك ( أحداث  تازة-  دوار الشليحات بالعرائش-  آيت بوعياش-إمزورن-  …إلخ). و الحقيقة أن استمرار واقع الانتهاكات بشتى ضروبه ، لا يعدو أن يكون مجرد نتيجة منطقية بالنظر إلى طبيعة المنظومة الحاكمة القائمة  على أساس الحكم المطلق و تكديس السلطات بين يدي الحاكم  و فساد الأجهزة الحاكمة و ضعف الحكومة و عدم استقلالية جهاز العدالة و انعدام الحكامة الأمنية، هذا بالإضافة إلى استغلال النظام القائم لضعف التظافر المجتمعي  و تبعية و تواطىئ وسائل الإعلام خاصة السمعي البصري ، و اندحار دور المثقف العضوي الملتزم، و انعدام جرأة الأحزاب المشاركة في اللعبة السياسية  للمطالبة الصريحة بالفصل الكلي و الفعلي للسلطات  خاصة  السلطة القضائية. و لن نسقط من اللائحة دور المناهج التعليمة التي  بالرغم من إقحام مادة حقوق الإنسان ، إلا أنها تظل عاجزة عن إعداد جيل متشبع بثقافة حقوق الإنسان و منافح عنها و مناهض لخرقها.
و أود – في هذه المرحلة من المداخلة- أن أركز على مدى خطورة عدم استقلالية جهاز العدالة، إذ لا يمكن لهذا الجهاز أن يؤدي مهامه باستقلالية، و أن يتم إحقاق الحق و العدل، مادام الحاكم/ الملك يقبض على السلطات أجمعها في إطلاق تام، و مادام شخص الملك  هو القاضي الأسمى ، و بالتالي لا يمكن أن تسير العدالة في اتجاه يناقض إرادة الحاكم . إن دستور 2011  يعيد رسم صورة ’’ الملك/ القاضي/ العادل’’ ، فهو الضامن لاستقلالية السلطة القضائية ( فصل 107). و هي صورة / أيقونة الملكيات المطلقة و المدعية للقداسة عبر التاريخ ، حيث يعد الحاكم مصدرا للعدالة، و هو مفهوم  يحيل على المرجعية  الإلهية  للعدالة  و بالتالي يندمغ وجها الأيقونة ’’ الملكية و السماء( الدين) ’’ لإنتاج ما عرف عبر تاريخ الملكيات المطلقة ب ’’ العدالة الملكية’’، و في سياق هذا المنطق يعتبر الحاكم أن من حقه و من واجبه الإبقاء على وظيفة القضاء بين يديه، الامر الذي يفسر امتلاك سلطة الإحياء و الإماتة في حق رعيته، و امتلاك حق العفو وإصدار الأحكام و تنفيذها باسمه.
إن هذه السلطة الفوقية   تلتقي  مع ما تحمله  مؤسسة إمارة المؤمنين من شرعنات دينية و شريفية وتاريخية لتقعيد دور ’’الملك / أمير المؤمنين / القاضى  العادل الأسمى’’، الأمر الذي يجعل من العدالة مجالا خاصا محفوظا للملكية  دون شريك  و إن تم التفويض على مستويات أدنى . و يحيلنا هذا الاحتكار الملكي لمجال العدالة  على مفهوم
’’ la justice retenue’’
أو ’’ العدالة المقبوضة’’، و هو المفهوم الذي أحب أن أنعته  في الحالة المغربية ب
’’أو ’’ العدالة المعتقلة’’ مادامت إرادة الحاكم تسمو على إرادة القضاة، و مادامت  la justice détenue’’
سلطته تتموقع فوق القوانين و المحاسبة و المساءلة، الأمر الذي يجعل مسألة تغيير و تثوير بنية العدالة مسألة استعجالية. ومن أوجه ضعف العدالة في المغرب ، ثغرات و اختلالات  القوانين المغربية خاصة القانون الجنائي.  فعلى سبيل  المثال، لا تتضمن المنظومة القانونية الجنائية  اعترافا بالاعتقال السياسي رغم طغيانه واقعيا ، حيث تكتفي المادة 218 باعتبار ’’ الجنايات و الجنح المعاقب عليها في هذا الباب تعد مماثلة للجنايات و الجنح العادية فيما يخص تنفيذ العقوبات.’’ (باب في الجنايات والجنح ضد أمن الدولة ).
إن غياب مفهومي الاعتقال  والمعتقل السياسيين  من القانون الجنائي المغربي يستدعي ضرورة الترافع التشريعي لتغيير المنظومة القانونية الجنائية و تضمينها مفهوم الاعتقال السياسي، شروطه و أحكامه و ضرورة التعريف بمن يكون المعتقل السياسي و ماهي حقوقه وكيف يمكن أن تؤمن له شروط المحاكمة العادلة. إذ يحق للمعتقل السياسي التمتع بوضعية خاصة تميزه عن معتقلي الحق العام، و تحديدا تمتعه بالحقوق التي تنص عليها المواثيق الدولية من قبيل: الاعتقال في ظروف لا تمس بكرامته و صحته – استمرارالصلة بالعالم الخارجي- الحق في الحياة الثقافية و الدينية- الحق في الزيارة اليومية و المباشرة من قبل أقرباءه- ممارسة حق التصويت- حرية التعبير و الاجتماع و التجمع.
وتقعيدا عليه غياب مفهوم الاعتقال و المعتقل السياسيين يسهل على القضاة التملص من شروط المحاكمة العادلة و عدم اعتبار النشطاء السياسين أثناء محاكمتهم كمعتقلين سياسيين، و من ناحية اخرى يسهل على النظام في حد ذاته إنكار واقع الاعتقال السياسي  و المحاكمات السياسية  مستغلا الوضع للتخلص من النشطاء و المحتجين عبر تهم الحق العام مما يفتح الأبواب على مصراعيها لمواصلة الانتهاكات الحقوقية منذ لحظة الاعتقال إلى المحاكمة، فالسجن.
وتستحث مناهضة الانتهاكات الحقوقية تظافر جهود  جهات عدة أبرزها منظمات حقوق الإنسان و المحاميين و القضاة الملتزمين المؤمنين بضروة ممارسة مهامهم في استقلالية تامة عن اية سلطة و بضرورة تغيير البنية القانونية إضافة إلى إشراك الإعلاميين من أجل فضح الخروقات و الباحثين من أجل التمهيد العلمي للحملات الترافعية و تحقيق التغيير، دون أن ننسى دور الفنانيين و الرياضيين في إيصال المضامين بطرقهم الخاصة و ضرورة الدعم الجماهيري  في مناهضة الخروقات.
إن الهيئات الحقوقية  مدعوة لتشكيل جبهة قوية و حركة موحدة عن طريق التحالفات و الشركات و التوحد في الرؤية  و الهدف، الاندماج و الانسجام في الخطاب و الأداء، ثم الترافع و الضغط في اتجاه التغيير، فبناء قدرات المدافعين و تنمية مهاراتهم في الترافع و التواصل و التعبئة، و تقسيم الأدوار  والمهام لعدم استنزاف طاقة أعضاء الحركة. إضافة إلى جلب فئات مجتمعية هامة  للانضمام إليها كالمحامين و القضاة و الأطباء و المهندسين و الفنانين و الرياضيين و الإعلاميين، ثم الحرص على تعبئة الجماهير و تحويل ترافعات الهيءات الحقوقية إلى ترافعات جماهيرية. و لتعمق المنظمات الحقوقية استراتيجياتها و قدراتها على التواصل و الترافع و الإقناع تحتاج للمساهمة في تطوير البحث العلمي  في مجال حقوق الإنسان و الاستفادة من نتائجه.
وخلاصة القول إن سبل النضال من أجل اكتساب الحقوق و ترسيخها دوما شاقة و لكنها ليست مستحيلة.
 http://freerif.com/?p=5682

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

يتم التشغيل بواسطة Blogger.