"مشروع الإناسة العربية الإسلامية يدشن في تونس"
"من الميسر الجاهلي إلى الزكاة الإسلامية—قراءة إناسية في نشأة الدولة الإسلامية—" للدكتور الإناسي التونسي محمد الحاج سالم---
عرض و تقديم/ حمزة بلحاج صالح-كاتب و باحث جزائري--
صدر عن دار المدى الإسلامي-بيروت-لبنان-2014-كتاب معتبر الحجم"من الميسر الجاهلي إلى الزكاة الإسلامية" للدكتور محمد الحاج سالم-الكتاب من 799صفحة مذيل بملاحق ثمينة متعددة لم يستثن فهرسا مفيدا يتعلق بالبحث إلا وأضافه و هي لوحدها تشكل كتابا اخر بمثابة دليل الفهم للبحث المنجزالذي جاء مجلدا نفيسا و مصدرا لكل باحث إناسي أو سوسيولوجي أو غيرهما بل جاء البحث "مشروعا" دشن به الباحث الخطاب الإناسي مغربيا و عربيا-
من هو محمد الحاج سالم/
باحث إناسي و في الحضارة و مترجم تونسي المولد و النشأة درس في كلية العلوم الإنسانية و الإجتماعية بتونس و كلية الإأداب و الفنون و الإنسانيات بمنوبة يحمل شهادات عديدة في تخصصات شتى منها العلوم السياسية و القانونية و علم إجتماع الثقافة و أهمها دكتوراه في الحضارة العربية عن الأطروحة موضوع التقديم هذا و له ترجمات عديدة لكتب منها "الهبة" ل"مارسيل ماوس" له أكثر من خمسين مقال علمي و مساهمات في ندورات علمية و هو قامة علمية تونسية و عربية ذات شهرة عند أهل العلم و الفكر-
في التعريف بالمشروع/
تناول الباحث بإتقان و علمية فائقين و بتحكم إناسي ملحوظ و قدير و بمنهجية و دقة في التحليل موضوع بحثه و دراسته التي ربط فيها بين فضائين غير متقاطعين ظاهرا و متباينين لكنهما على تداخل بنيوي و تكويني في ما استخلصته من دراسة حاج سالم و هما "الفضاء الجاهلي" و "الفضاء الإسلامي" بخصوص ظاهرة إجتماعية-ثقافية-إقتصادية (مالية) هي ظاهرة "الميسر" في الجاهلية و مسار تحولها مفهوما و تقنينا و مراسا إجتماعيا إلى "الزكاة" في الإسلام-
إن الكتاب في أصله أطروحة دكتوراه بجامعة منوبة تحصل عليها الباحث بتفوق كبير ثم إتسعت بحثا و تنقيبا لتنتهي إلى هذا المنجز العلمي الثمين الذي جمع بحكم طبيعة المبحث بين الديني و التاريخي و الثقافي و السوسيولوجي مع اعتبار "السياسي" ناظما بنيويا لا ينفصل عن العمق التكويني للموضوع ونظرا للخصائص التكوينية للتراث العربي الإسلامي و قد مارس حاج سالم بحثه العميق الرصين و تنقيبه و حفره بأداء
و علمية المتخصص و موسوعية المثقف الميداني الملتزم أو "العضوي" دون أن يقحم نضاله و كفاحه الحقوقي في عمله البحثي و هو "المثقف " الذي يحتاج إليه العالم العربي الإسلامي اليوم في مخاضه و رهاناته المتعلقة بالحرية و الديمقراطية و الحداثة بناظم الهوية المرنة المتثاقفة مع الكوني و هي خصائص تميزبها في تقديري الباحث التونسيحاج سالم الذي تابعت خطاباته في مواطن عديدة –
في مقدمة الكتاب أو "مانفستو المنهج"/
تعتبر مقدمة الكتاب للمؤلف مدخلا إيبيستمولوجيا و معرفيا بامتياز استبحر فيه المؤلف و أفاض و دقق النظر في محددات منهج مقاربته الإناسية معللا خياره المنهجي مستبعدا خيارات أخرى و معللا ذلك كما حدد الكاتب المرتكزات النظرية التي قامت عليها مقاربته الإنساية لموضوعي "الميسر" و "الزكاة" و ضبط قضايا المفهوم والمصطلح و هي مقدمة نفيسة شبهتها بمقدمة ابن خلدون بالنسبة لتاريخه مع فارق إلتزام حاج سالم بالضوابط المنهجية على خلاف ابن خلدون الذي كانت مقدمته كنزا منهجيا في السوسيولوجيا و التاريخ انفلت من قيودها و هو يدون تاريخه حتى يخيل لك أن ابن خلدون كتب المقدمة بعد التاريخ لقد كانت الصرامة المنهجية رفيقا و حليفا استرايتجيا للكاتب حاج سالم هو هو يحلل و يفسر و ينبش و يحفر في الدلالات و التحولات القيمية و السلوكية الاجتماعية في الفضاء العربي الإسلامي و تشكلاتها على أنقاض الفضاء الجاهلي فكان الحاج سالم في بحثه و منجزه "منهجيا" خلدونيا ملتزما- (يتبع)
Okkkk
ردحذف