الثلاثاء، 12 مايو 2015

الرئيسية المساعدون الاجتماعيون القضائيون من نحن ...؟ وماذا نريد...؟

المساعدون الاجتماعيون القضائيون من نحن ...؟ وماذا نريد...؟

المساعدون الاجتماعيون القضائيون من نحن ...؟ وماذا نريد...؟    



عرفت المساعدة الاجتماعية عموما إقبالا مهما في الآونة الأخيرة ، الشيء الذي تنامى معه وعي المجتمع بكل أطيافه بضرورة تبنيها كمهنة قائمة الذات ، وامتدت هذه الموجة لتصل إلى المغرب ــ وإن كان متأخرا ــ فأحدِثت لها شعب بالجامعات والمعاهد العليا تخدم هذه القضية ، وذلك وفاء من هذا الأخير للانخراط في مسلسل الحداثة الذي أخذ على عاتقه الالتزام به والمتمثل في المواثيق الدولية التي ما فتئ المغرب يصادق عليها في كل مرة ، وتجسيدا لروح القيم المجتمعية التي تتعالى الأصوات من كل جانب للحفاظ عليها والسهر على ضمانها ، ونرمي على وجه الخصوص إلى الفئة الهشة المتمثلة في المرأة والطفل ، وعدم تهميشها (أي هذه الفئة) ولكن أن نجعل منها كائنا فاعلا لا منفعلا ومؤثرا لا متأثرا
وقبل أن تكون المساعدة الاجتماعية مهنة فهي ابتداء قيمة أخلاقية وإنسانية ،  وذاك لما لها من تعريف الأفراد إجمالا بما يمكنهم من صون الحقوق التي لهم واحترام الواجبات التي عليهم، وإن كان الحديث عن الحق فيه كفاية لأنه يقتضي بدلالة الالتزام الواجب المقابل ، لأن حقوقي هي واجبات الآخرين والعكس صحيح ، ولكي لا ننساق في الحديث عن المساعدة الاجتماعية إلى العموميات التي نشترك فيها نحن ــ العاملين في المحاكم ــ مع غيرنا ، أريد أن أنبه أن غرضنا في هذا المقال ليس استعراض المشاكل الاجتماعية التي تنخر المجتمع
المغربي ، والتي أثقلت كاهل القضاء بكثرة الدعاوى المعروضة عليه على تعددها
واختلاف درجات تأثيرها ، ولكن غرضنا بالأساس في هذه الأسطر هو الوقوف على
السبل البديلة المتخذة للحد من وطأة هذه المشاكل ، نعم حديثنا عن المساعدَة
الاجتماعية القضائية ، هذا المولود الجديد الذي رأى النور في المرفق
القضائي ولأول مرة بهدف أنسنته ، بدل لغة الخشب الزجرية التي اعتادها
المواطن المغلوب على أمره من طرف الموظفين .

التكوين :
ويأتي تكوين مساعدين اجتماعيين قضائيين تابعين لوزارة العدل والحريات تطبيقا
للورش الذي انخرطت فيه هذه الأخيرة في إطار البرنامج الشمولي "النوع
الاجتماعي والحكامة الديمقراطية"، بشراكة مع وزارة التضامن والمرأة والأسرة
والتنمية الاجتماعية ، وبدعم من هيئة الأمم المتحدة للمساواة بين الجنسين
وتمكين المرأة ، وذلك بهدف دعم تطبيق مدونة الأسرة ، وتسهيل ولوج النساء
لخدمات العدالة ، وكانت بداية الغيث قطرة مع أولى تجربة خاضت غمارها
الوزارة الوصية وهي تكوين موظفين مسبقا بالمحاكم لا علاقة لهم بالمجال
الاجتماعي أصلا وتعريفهم بمهام المساعدة الاجتماعية التي ستسند إليهم ،
فبعد أن كللت بالنجاح تلاها تخريج فوجين متخصصين في المجال الاجتماعي خاصة ،
الفوج الأول سنة 2011 يضم 24 مساعِدة اجتماعية ــ كلهم إناث ــ ، والفوج
الثاني سنة 2012 يضم 100 ــ ذكورا وإناثا ــ ، شريطة أن يكونوا حاصلين على
الإجازة المهنية تخصص المساعدَة الاجتماعية ، أو دبلوم مسير في الشؤون
الاجتماعية المسلم من طرف المعهد الوطني للعمل الاجتماعي بطنجة ، وطبعا بعد
اجتياز الانتقاء الأولي والاختبارين الكتابي والشفوي ، ويسهر على هذا
التكوين الإعدادي للمساعدين الاجتماعيين المعهد العالي للقضاء بفضل برنامج
مكثف على مدى ستة أشهر موزعة بين التكوين بالمعهد والتدريب بالمحاكم ، يشمل
البرنامج عمل كتابة الضبط بصفة عامة بداية مرورا بما هو مخصص لعمل
المساعدة الاجتماعية لدى القضاء الأسري وخلايا التكفل بالنساء والأطفال
ضحايا العنف انتهاء بتكوين في المواد التكميلية كالتواصل مع المسؤولين
القضائيين وأمور ذات صلة ... وتتخلل التكوين فترات تدريبية بالمحاكم من أجل
الاستئناس بالعمل القضائي.

المهام :
تضيق بنا الأنفاس وينتهي القرطاس في هذه العجالة إذا ما حاولنا استقصاء المهام
نقطة نقطة إلا أنه يسعنا أن نوجز ونقول أنه رغم تعدد مهام المساعدين
الاجتماعيين القضائيين إلا أن الهدف واحد يمكن إجماله كالتالي :

الهدف العام :
- مساعدة الأشخاص والأسر التي تواجه صعوبات في إيجاد الحلول الناجعة لمشاكلها
- استقبال النساء ضحايا العنف والأطفال في وضعية صعبة أو وضعية مخالفة للقانون أو إهمال
- تقديم الدعم النفسي للنساء والأطفال وتعريفهم بالحقوق التي يخولها لهم القانون
-القيام
بمهام التوجيه وإرشاد المرتفقين في غياهب المحكمة التي تستعصي على الخبير
الممارس ، فكيف بمن هو دونه وتمكينهم من المعلومة القانونية بدون استثناء
- تسهيل عمل القضاة من خلال تمكينهم من المعطيات الواقعية للوضع الاجتماعي للأسر موضوع النزاع
فيما يخص مهام المساعد الاجتماعي القضائي فإنها تختلف باختلاف مجالات التدخل ، وهي ثلاث :
1 :: خلية التكفل بالنساء والأطفال على مستوى الرئاسة
2 :: خلية التكفل بالنساء والأطفال على مستوى النيابة العامة
3 :: قسم قضاء الأسرة
واحتراما للتخصص سأقتصر فيما بقي من المقال على تلخيص عمل المساعد الاجتماعي بقسم  قضاء الأسرة بحكم أني أنتمي إليه ، فأقول وبالله تعالى التوفيق :
يمكن إجمال عمل المساعد الاجتماعي بهذا القسم فيما يلي :
1 – دعوى ثبوت الزوجية:
ننبه في هذا الباب إلى نوعين من الدعاوى المتعلقة بثبوت الزوجية ، إتفاقية
ونزاعية ، يسند في كليهما للمساعد الاجتماعي إنجاز بحوث ميدانية حول قيام
العلاقة الزوجية بين الطرفين ، والتأكد من الظروف القاهرة التي حالت دون
توثيق عقد الزواج في وقته ، والتي لابد من إثباتها للاستناد إليها في تعليل
الحكم من طرف القاضي ، وإلا وقع عرضة للنقض ، وزيادة على ذلك يقوم المساعد الاجتماعي في هذه حالة النزاع بإجراء صلح بين الطرفين وتقريب وجهات النظر بينهما.
2 – الزواج دون سن الأهلية والمصابين بإعاقة ذهنية :
خول المشرع في المادة 20 من مدونة الأسرة لقاضي الأسرة المكلف بالزواج إمكانية
الإذن بالزواج للفتى أو الفتاة دون سن الأهلية القانونية للزواج (18 سنة)،
وذلك بعد الاستماع للقاصر وأبويه أو نائبه الشرعي، مع الاستعانة بخبرة
طبية أو إجراء بحث اجتماعي.

ونظرا لغياب مساعدين اجتماعيين تابعين للمحاكم سابقا ، فقد جرى العمل في عموم
أقسام قضاء الأسرة على الاقتصار على إجراء خبرة طبية لتحديد مدى قدرة
القاصر أو القاصرة على الزواج، ومعلوم أن التقرير الطبي لا يتعرض إلا لما
هو فيزيولوجي أو بيولوجي، وهو مؤشر لا يفيد إلا في معرفة أثر الزواج على
القدرة الجنسية والصحة الإنجابية للقاصرة، وهي مسألة جزئية في الحياة
الزوجية وليست كل الحياة الزوجية. ومن ثم فإن إجراء البحث الاجتماعي،
المشار إليه في المادة بصيغة الاختيار، أساسي وضروري ليستكمل قاضي الأسرة
المكلف بالزواج كل المعطيات المتعلقة بهذا الطلب، وليؤسس قراره بشكل سليم[1]

3 – التعــــدد :
يجب أن نميز في هذا الباب بين حالتين :
الحالة الأولى : ما إذا كانت الزوجة موافقة على التعدد، يقوم المساعد الاجتماعي بإجراء بحث يوضح فيه :
الوضعية المادية لطالب التعدد، وكذا المستوى المعيشي له ولأسرته ومختلف موارده وإنجاز تقرير بذلك.
الوضعية الاجتماعية لطالب التعدد وأسرته ومحيطه الاجتماعي وإنجاز تقرير بذلك.
الحالة الثانية : إذا كانت الزوجة رافضة للتعدد مقابل إصرار الزوج على موقفه، في
هذه الحالة يلتجئ المساعد الاجتماعي إلى عقد جلسات للطرفين معا وفرادى ،
للوقوف على دوافع طلب التعدد ومحاولة تقريب الرؤى في حالة ما إذا كان هناك
مشكل اجتماعي عالق بينهما ، فإن وافقتِ الزوجة أو تراجع الزوج عن طلبه فذاك
، وإلا فنحن أمام حالتين كلتاهما تلتقيان في إنهاء العلاقة الزوجية سواء
بطلب التطليق من الزوجة "المادة 45 من القانون 70.03 " أو بدون طلب "مسطرة
التطليق للشقاق ، المواد من 94 إلى 97 ".

4 – التطليق للشقاق :
يمكن للمساعدين الاجتماعيين المساعدة في إنجاز مسطرة الصلح الأسري في قضايا الطلاق والتطليق، نظرا لما يتوفرون  عليه من مؤهلات وتقنيات في مجال الاستماع والتواصل ، خاصة وأن هذه المسطرة  لا تمارس في أغلب أقسام قضاء الأسرة بالكيفية المرضية التي توصل إلى  النتائج المبتغاة، نظرا لكثرة الملفات المنظور فيها من طرف القاضي، وكذا  التدخلات السلبية لأفراد العائلة الذين يكلفون في الغالب بإجراء محاولة
الصلح بين الطرفين، وغياب الاستعداد النفسي والذهني لدى الزوجين... 2 .

5 – دعوى الرجوع لبيت الزوجية:
واقع الأمر أن الزوج يلجأ إلى رفع هذه الدعوى ضد زوجته التي غادرت بيت الزوجية
باعتبارها ناشزا، وبعد تحصيله للحكم يستصدر حكما أخر يقضي بإيقاف النفقة،
فيتركها بذلك كالمعلقة، وهذا خلاف التشريع الإلهي، قال تعالى :
{
فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ سَرِّحُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ وَلاَ
تُمْسِكُوهُنَّ ضِرَارًا لَّتَعْتَدُواْ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ فَقَدْ
ظَلَمَ نَفْسَهُ} سورة البقرة جزء من الآية 240 ، فالأوْلى إبقاء المودة
والرحمة بين الزوجين، إذ أول ما ينبغي فعله هو محاولة إصلاح ذات البين من
طرف المساعد الاجتماعي، والوقوف على الأسباب الكامنة خلف نشوزها

6 – الحضانة :
جاء في المادة 163 ما يلي :" الحضانة حفظ الولد مما قد يضره، والقيام بتربيته
ومصالحه " وقد أصبح من حق المحكمة في ظل مدونة الأسرة الحالية اختيار
الأصلح للحضانة بصريح منطوق المادة 165.

ولا سبيل لذلك إلا تكليف المساعد الاجتماعي بهذه المهمة لإجراء بحث حول أهلية
الحاضن فإن لم يوجد أو وجد ولم تتوفر فيه الشروط الضرورية فللمحكمة إسناد
الحضانة لمؤسسة عمومية مخول لها ذلك كما صرحت بذلك المادة 165، وقد نصت
المادة 172 صراحة على دور المساعد الاجتماعي فجاء فيها : "للمحكمة،
الاستعانة بمساعدة اجتماعية في إنجاز تقرير عن سكن الحاضن، وما يوفره
للمحضون من الحاجات الضرورية المادية والمعنوية"، فللمساعد الاجتماعي أن
ينتقل من حين لآخر إلى سكن المحضون، للاطمئنان عليه والتأكد من ظروف عيشه
ومدى مراعاتها لمصلحته، وينجز تقريرا بذلك، يعتمده القاضي إذا ما ثبت له
إخلال بمصلحة المحضون، لإعادة النظر في إسناد الحضانة وتكاليفها كما نصت
على ذلك المادة 170، ويشمل تقرير المساعد الاجتماعي كذلك مدى تطبيق المتفق
عليه فيما يخص نظام الزيارة فإذا ما ثبت له إخلال أو تحايل في تنفيذ
الاتفاق أو المقرر، يرفع الأمر للقاضي الذي يتخذ ما يراه مناسبا من تعديل
هذا النظام أو إسقاط الحضانة بالكلية كما أشارت لذلك المادة 184

7 – النيابة الشرعية :

يقوم
المساعد الاجتماعي بإجراء بحوث اجتماعية إذا ما تعلق الأمر بقاصر تحت
الرعاية الفعلية لشخص أو مؤسسة لأن هذين الأخيرين يعتبران بمثابة النائب
الشرعي ريثما يعين له القاضي مقدما(المادة 232).

وذلك
للوقوف على مدى تقيُّد النائب الشرعي بالتزاماته اتجاه المحجور وهي
العناية بشؤونه الشخصية من توجيه ديني وتكويني وإعداد للحياة، كما يقوم بكل
ما يتعلق بأعمال الإدارة العادية لأموال المحجور.

كما للمساعد الاجتماعي أن يقوم ببحوث في مجالات أخرى ذات الصلة، كطلب التحجير الذي تبث فيه محكمة الموضوع.

8 – التصريح بطفل مهمل :

الحكم
بالإهمال من الشروط الشكلية لاعتبار الطفل مهملا بناء على الحالات التي نص
عليها القانون 15.01 ــ على سبيل الحصر ــ في مادته الأولى ، هذا
وللمساعد الاجتماعي القيام ببحث اجتماعي لمعرفة ما إذا كان الطفل يندرج في
هذه الحالات أم لا، حيث يجب أن ينصب موضوع البحث حول ظروف العثور على
الطفل المهمل، وكذا طبيعة عجز أحد الأبوين أو كليهما، وكذا بيان نوع انحراف
الأبوين الذي يؤثر على واجباتهما اتجاه الطفل وتوجيهه توجيها حسنا، أما
تقدير الضرر اللاحق بالطفل فمن اختصاص محكمة الموضوع التي تستند عليه في
الحكم بالإهمال من عدمه.

9 – الكفالة :

يقوم المساعد الاجتماعي في هذا المجال بإنجاز بحوث اجتماعية على ثلاث مستويات :

أولـا : طالبي الكفالة

جمع
المعلومات اللازمة حول ظروف طالبي الكفالة، للتأكد من كونهما صالحين
للكفالة أخلاقيا واجتماعيا، ولهما مؤهلات مادية كافية لتوفير حاجيات الطفل،
وهذا يتوافق منطقيا مع المادة الأولى من القانون 15.01، لأن من دواعي التصريح بالإهمال انحراف الأبوين أو عجزهما عن القيام برعاية وتربية ذاك الطفل من أجل اكتساب سلوك حسن.

ثانيا : الكافلين

الحضور عند تسليم الطفل المكفول والتوقيع في محضر التسليم

تتبع وضعية الطفل المكفول بمراقبة مدى التزام كافليه تجاه تربيته وتعليمه والسهر على شؤونه وتلبية جميع حاجياته

ثالثا : إسقاط الكفالة

البحث في أسباب الطلب والتأكد من صحتها، وتقديم اقتراحات ملائمة مع مراعاة المصلحة الفضلى للمكفول وتحرير تقرير بذلك.

ترقبوا
في مستقبل الأيام مواضيع متنوعة عن المساعدة الاجتماعية القضائية ــ خاصة
ــ كـ "مهام المساعد الاجتماعي بخليتي التكفل بالنساء والأطفال " على
مستويي الرئاسة والنيابة العامة ، و "إكراهات الممارسة" ومواضيع أخرى لا
تقل أهمية عما ذكر فكونوا في الموعد .

وللحديث
بقية فنكتفي بهذا القدر ، ولما رأينا النفوس مائلة إلى الاختصار غير
المـُخِل آثرناه على الإسهاب الممل ولسان حالنا يردد قوله تعالى { وَمَا
تَوْفِيقِي إِلاَّ بِاللَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ } [هود : 88 ].

*** *** ***
وكتبه الفقير إلى عفو الله : محمد العبدلوي
مساعد اجتماعي قضائي


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

يتم التشغيل بواسطة Blogger.